الرئيسة \  مواقف  \  حين يطلق تشوركين النار عن مقاعد مجلس الأمن على الحل السلمي أي دور لديمستورا والمفاوضين والمفاوضات

حين يطلق تشوركين النار عن مقاعد مجلس الأمن على الحل السلمي أي دور لديمستورا والمفاوضين والمفاوضات

27.09.2016
زهير سالم


موقفنا



بغض النظر عن حدة وشدة ما قاله المتباكون على الشعب السوري على منبر مجلس الأمن ، في الجلسة الاستثنائية التي عقدت بسبب ما يجري في حلب ، فإن القول الوحيد الذي له معنى ، لأن وراءه دولة بمفهوم الدولة هو قول تشوركين وسيده الفاعلين الوحيدين في العالم اليوم .
تشوركين وقف بكل جرأة ووضوح وسط الإدانات البلاغية المتفاوتة حدة وشدة من وصف التدخل الروسي بالوحشي ، أو بجريمة الحرب ، أو أنه ألحق الخزي والعار بالمجتمع الدولي والعالم المتحضر ، وقف لينعى العملية السلمية التي طالما دعا إليها الشريكان الروسي – والأمريكي ، وتغنى بها أوباما أبو خط أحمر ..
وإذا كان هذا النعي لا يعني شيئا بالنسبة لأولئك المتباكين . وإن كنا نعتقد أن هذا النعي يأتي ضمن توافقية ( دولية – إقليمية ) بعد أن ظن أنه أنهك الشعب السوري قتلا وتهجيرا وتدميرا ، وإنه قد آن الأوان لاغتصاب الإرادة السورية ؛ فإن هذا النعي يجب أن يعني الكثير للرجال والنساء الأحرار المعنيين بسورية وإنسانها وعمرانها ، وبالثورة ومستقبلها ، والشهداء الذين مضوا والوفاء لدمائهم .
يشكل هذا النعي الذي أعلنه تشوركين الروسي عن مقاعد مجلس الأمن تحديا ضخما أمام الثورة والمعارضة السورية ، في ظل خذلان دولي وإقليمي ، يجعل التحدي أكبر وأصعب .
إن التحدي الصعب والحاد في وقته المضيق ، يفرض على الصادقين من حملة الهم السوري سرعة المبادرة ، لاستجابة عملية تليق بالتحدي في حدته وتسارع خطواته وفي مداه ..
إن الذي يجب أن يكون موضع توافق بين الصادقين المخلصين من السوريين أن الأمر جد ليس بالهزل . وأن الإجماع على الخذلان وإن كان متفاوتا هو حقيقة واقعة . ويكذّب ما يجري على حلب منكريه والمتغاضين عنه من أصحاب التفكير الحالم ، أو من المسوفين الذين يظنون أنه قد تبقى على العظم السوري بعض اللحم الذي يمكنهم أن ينهزوه و يتعرّقوه .
وبعد هذا وذاك يمكن للجادين الصادقين المخلصين ، أن يبحثوا عن بدائلهم الحقيقة ، التي تحمي ثورة السوريين من أن تكون ضحية المراهنين والمزاودين . وتعيد قطارها إلى سكته ، من موقع قوة ثورية تتعاطى مع المشهد بما يقتضي من الجرأة والوضوح ؟
ينبغي للسوريين الصادقين الجادين أن يتوفروا لاعتماد البدائل الحقيقية الممكنة والمجدية لثورة مستضعفين هتفوا منذ اليوم الأول: ما لنا غيرك يا الله . وآن الأوان لوضع هذا النداء موضع التنفيذ .
وبعد ست سنوات من الدم والجهد لا بد للثورة والثوار من التوافق على بدائلهم على مستوى المشروع بأبعاده المستقبلية المعبرة عن تطلعاتهم .
البدائل التي تحمي وجودهم وهم يخوضون اليوم معركة وجود ، والتي تحمي هويتهم وهم يخوضون معركة هوية ، وتصون الحقوق ، وتنشر مظلة العدل على الجميع . وإذا كانت الثورة السورية في أحد أبعادها هي معركة ضد الظلم والفساد والاستبداد فلا يمكن أن يكون في صفوف القائمين عليها من يفكر في استبدال ظالم فاسد مستبد بمثله . ولا بد لهذه البدائل أن تنفي عن مشروع هذه الثورة كل العنعنات الماضوية التي تقطع على السوريين طريق مستقبلهم ، أو تفتح الثغرات ليتسلل أصحاب الأجندات المتطرفة المريبة إلى قرارهم ز
وبعد ست سنوات من الجهد والدم لا بد للسوريين الصادقين أن يعيدوا النظر في بدائلهم على مستوى الحامل الثوري ، الذي يجب أن يكون حاملا لائقا بشعب سورية العظيم . حامل لا يعتمد الكثرة ، ولا يحتاجها ، بقدر ما يحتاج الطاقات العملية ، الطاقات التي تعتبر السلاح الثوري مبضع جراح وليس بلطة حطاب يحطب بليل . حامل اختصر وصفه القرآن الكريم بأولئك الذين (( لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا )) حامل مستعد ليعطي ولا يتطلع ليأخذ . وعلى كواهل مثل هؤلاء تتقدم الثورات وتنهض الأمم والشعوب .
ثم إن البدائل الأهم التي يجب أن يبدع في اختيارها السوريون الجادون الصادقون هي بدائل الاستراتيجيات الأساسية ، والأساليب التكتيكية والوسائل العملية . ولقد ظل الحديث عن عملية الانتقال هذه مصاحبا لوقائع الثورة منذ انطلاقها في اليوم الأول . ولكن كل هذه النداءات استخف بها المستخفون ، وتجاوزها المهرولون ...
لا بد أن نرد على طائرات بوتين ، وعصابات الولي الفقيه ، انه لا بديل للسوريين عن الثورة ، وأن الثورة سوف تمضي إلى غايتها لتحقيق كل ما حلم به المستضعفون السوريون ، بوسائل تكتيكية عملية وممكنة ومجدية ، وليس بمقدور أي قوة خارجية أن تفرض إرادتها عليها . ولا بد أن نرد على تشوركين أن لا بديل للحل السياسي في سورية غير الحل السياسي ، الحل السياسي ، بين أبناء المجتمع السوري ، والذي لا يكون للقتلة والمجرمين أي دور آني أو مستقبلي فيه ..
وحتى يتحقق ذلك ، أي دور بقي لديمستور ولفريقه في مستقبل سورية القريب أو البعيد ؟!
 
لندن : 24 / ذو الحجة / 1437
26 / 9 / 2016
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
zuhair@asharqalarabi.org.uk